أخر الاخبار

"المسألة الكبرى" فيلم عراقي بمواصفات هوليودية كلّف صدام 30 مليون دولار ولم يجد من يشتريه !

فيلم "المسألة الكبرى" هو فيلم عراقي تاريخي أُنتج عام 1983، ويُعتبر من أبرز الأفلام العراقية التي تناولت فترة ثورة العشرين، وهي واحدة من أهم الثورات الشعبية في تاريخ العراق ضد الاحتلال البريطاني.


"المسألة الكبرى" : فيلم عراقي بمواصفات هوليودية كلّف صدام 30 مليون دولار ولم يجد من يشتريه !

في ثمانينات القرن الماضي حاول النظام البعثي في العراق إعادة تشكيل تاريخ العراق وفقاً لفكر حزب البعث وقائده صدام حسين وسخر في سبيل ذلك مختلف وسائل الإعلام والثقافة بما فيها السينما، فأنتج فيلم "الأيام الطويلة" الذي جسد بصورة ملحمية المرحلة المبكرة من حياة صدام حسين ومشاركته في محاولة الاغتيال الفاشلة التي أقدم عليها البعثيون عام 1959 بحق الزعيم عبد الكريم قاسم ولعب دور صدام في هذا الفيلم قريبه ومرافقه الشخصي صدام كامل الذي أصبح صهره فيما بعد، ثم أحد ضحاياه لاحقاً !


كما قدم النظام البعثي إنتاجاً سينمائياً ضخماً بعنوان "القادسية" من توقيع صلاح أبو سيف ولعب أدوار البطولة فيه كبار نجوم السينما في مصر والعالم العربي أمثال عزت العلايلي وسعاد حسني، وذلك في عودة إلى التاريخ لمحاكاة الصراع مع الفرس في عهود الإسلام الأولى، ومقاربته مع حرب صدام التي شنها ضد إيران عام 1980 وأطلقت عليها وسائل الدعاية والإعلام العراقية آنذاك إسم "قادسية صدام المجيدة".


لكن المحاولة الأضخم للسينما العراقية في هذه المرحلة تظل فيلم "المسألة الكبرى" الذي أنتج عام 1983 عن ثورة العشرين ضد الاحتلال البريطاني، وقد لعب أدوار البطولة في الفيلم كل من غازي التكريتي في دور الشيخ ضاري المحمود أحد أبطال الثورة، ومجموعة من أبرز الممثلين البريطاني في مقدمتهم النجم الهوليودي أوليفر ريد الذي عرفه الجمهور العربي سابقاً في دور الجنرال غراتسياني في فيلم "عمر المختار" للمخرج السوري العالمي مصطفى العقاد، حيث لعب أوليفر ريد هذه المرة دور الكولونيل لجمان الضابط البريطاني المتغطرس الذي ينتهي به الأمر مقتولاً على يد الشيخ ضاري.

قصة الفيلم:

تدور أحداث الفيلم حول ثورة العشرين التي اندلعت في العراق عام 1920، حيث قام العراقيون بثورة ضد الاستعمار البريطاني الذي فرض سيطرته على البلاد بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى. يعكس الفيلم روح الوطنية والشجاعة التي تحلى بها الشعب العراقي في مواجهة الاحتلال، ويستعرض بطولات القادة العشائريين والشخصيات الوطنية الذين قادوا المقاومة ضد البريطانيين.

يركز الفيلم على الأحداث الحاسمة التي شكلت الثورة، بدءًا من أسباب التمرد، والمظالم التي تعرض لها الشعب العراقي تحت الحكم البريطاني، وصولاً إلى التعبئة الجماهيرية التي قادها رجال الدين والشيوخ. يعرض الفيلم العديد من المعارك والمواجهات بين الثوار والقوات البريطانية، بالإضافة إلى الصعوبات التي واجهها العراقيون، سواء من حيث التضحية أو من خلال العمل على توحيد صفوفهم من أجل تحقيق الاستقلال.

غازي التكريتي في دور الشيخ ضاري

الإنتاج والطاقم:

الإخراج: كان الفيلم من إخراج المخرج العراقي الكبير محمد شكري جميل، الذي قدم عملاً فنيًا متقنًا من حيث إخراج المشاهد التاريخية وتصوير معارك الثورة.

التمثيل: شارك في الفيلم عدد من الممثلين العراقيين البارزين، لعب أدوار البطولة في الفيلم كل من غازي التكريتي في دور الشيخ ضاري المحمود أحد أبطال الثورة، ومجموعة من أبرز الممثلين البريطاني في مقدمتهم النجم الهوليودي أوليفر ريد .
السيناريو: كتب السيناريو عادل كاظم، الذي استند إلى أحداث تاريخية موثقة وركز على الجانب الوطني والشعبي في الصراع ضد الاستعمار.

في عام 2016 بث في بريطانيا وثائقي بعنوان "صدام حسين يذهب إلى هوليوود" قام فيه عدد من الممثلين والفنيين البريطانيين بقص حكاية تصوير هذا الفيلم، وكيف تعاملوا مع الصعوبات التي رافقت تصويره بالتزامن مع ظروف الحرب العراقية الإيرانية.

فقد اعترف الممثلون أن المال هو ما نجح في جذبهم للاشتراك في هذا الفيلم، إذ كان الممثلون أصحاب الأدوار الصغيرة يتقاضون ألف جنيه استرليني في الأسبوع وهو أجر عالٍ بمقاييس ذلك الوقت، مشيرين في الآن نفسه إلى أنهم في البداية لم يكونوا مدركين خطورة ما هم مقبلون عليه، حيث يقول الممثل مارك بينفولد أن الأمر بدأ يتضح لهم عندما دخلت طائرتهم الأجواء العراقية ولاحظوا أن طائرةً حربية ترافق طائرتهم، حينها فقط شعر الممثلون بجدية ما هم مقدمون عليه.

ويضيف الممثلون أن ما سبب إزعاجاً حقيقياً لهم كان شخصية أوليفر ريد الماجنة وشديدة التقلب، فقد كان ريد مدمناً على الكحول وقد اصطحب معه صديقته المراهقة جوسفين بورج ابنة ال 17 عاماً والتي أصبحت زوجته فيما بعد، كما كان يحب أن يبدأ يومه بتناول كأس كبيرة من الخمر، ويستمر في الشرب بنهم حتى المساء، وأحياناً كان يخلط زجاجة كونياك مع زجاجة شامبانيا في دلو من الثلج ويشرب منه، ثم يتبع ذلك سلوكيات غريبة كاقتحام غرف زملائه في الفندق والشجار معهم بالأيدي، كما كان يتشاجر مع عمال الفندق خاصة إذا تأخروا في تلبية طلباته.

صورة ملتقطة خلال تصوير الفيلم

الفيلم الذي كتب قصته وأخرجه محمد شكري جميل بأوامر من صدام حسين شخصياً كلف العراق 30 مليون دولار وهو مبلغ يقارب ما تم إنفاقه على الجزء الثاني من فيلم "حرب النجوم" مثلاً، وقد عرض في عدد من المهرجانات العالمية كمهرجاني لندن وموسكو، لكنه لم يجد من يشتريه خارج العراق، فلم يحقق الفيلم أي إيرادات تذكر واكتفى التلفزيون العراقي والفضائية العراقية لاحقاً بعرضه من وقت لآخر حتى سقوط نظام صدام حسين واحتلال العراق عام 2003.


أهمية الفيلم:

"المسألة الكبرى" ليس مجرد عمل سينمائي بل هو توثيق فني لحقبة تاريخية مهمة في تاريخ العراق. يُعتبر الفيلم جزءًا من الذاكرة الثقافية والوطنية للعراقيين، حيث يعيد للأذهان تضحيات الشعب العراقي من أجل نيل الحرية والاستقلال. بالإضافة إلى ذلك، يعكس الفيلم أيضًا قوة السينما العراقية في تقديم أعمال تاريخية ملحمية بالرغم من التحديات التي كانت تواجهها صناعة السينما في ذلك الوقت.
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-